قدم وفد الأنصار في موسم الحج في السنة الثالثة عشر من النبوة، واجتمع منهم في الشعب عند العقبة ثلاثة وسبعون رجلاً وامرأتان، وجاءهم الرسول صلى الله عليه وسلم ومعه عمه العباس - وكان لا يزال على دين قومه - وكان العباس هو أول المتكلمين في هذا الاجتماع قال: يا معشر الخزرج إن محمداً منا حيث قد علمتم، وقد منعناه من قومنا من هو على مثل رأينا فيه، فهو في عز من قومه ومنعة بلده، وإنه قد أبى إلا الانحياز إليكم واللحوق بكم، فإن كنتم ترون أنكم وافون له بما دعوتموه إليه، ومانعوه ممن خالفه، فأنتم وما تحملتم من ذلك، وإن كنتم ترون أنكم مسلموه وخاذلوه بعد الخروج به إليكم فمن الآن فدعوه، فإنه في عز ومنعة من قومه وبلده.
قال كعب بن مالك الأنصاري: فقلنا له: قد سمعنا ما قلت، فتكلم يا رسول الله، فخذ لنفسك ولربك ما أحببت..، وهذا الجواب من الأنصار يدل على تصميمهم وشجاعتهم وإيمانهم وإخلاصهم في تحمل هذه المسؤولية العظيمة.
وتكلم رسول الله صلى الله عليه وسلم فدعاهم إلى الله ورغبهم في الإسلام، وقال: أبايعكم على أن تمنعوني مما تمنعون منه نساءكم وأبناءكم، فبايعوه وتمت البيعة، وعاد الأنصار إلى المدينة يترقبون هجرة الرسول صلى الله عليه وسلم بعد أن جعل عليهم اثني عشر نقيباً.