اعتزمت قريش قتل النبي صلى الله عليه وسلم، قال الله عز وجل: (وإذ يمكر بك الذين كفروا ليثبتوك أو يقتلوك أو يخرجوك. ويمكرون ويمكر الله، والله خير الماكرين) (الأنفال/30)، ولكن قريشاً فشلت في عزمها، ففي هذه الساعة الحرجة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعي بن أبي طالب: نم على فراشي، وتسجّ - أي تغطّ - ببردي هذا الحضرمي الأخضر فنم فيه، فإنه لن يخلص إليك شيء تكرهه منهم، ثم خرج الرسول صلى الله عليه وسلم من بينهم - أي من بين الكفار الذين اجتمعوا ببابه وعلى رأسهم أبو جهل - سالماً بإذن الله .
رتب رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر للهجرة، وأعدّا لها عدتها ووضعا لها خطتها، وانطلقا إلى غار ثور.
علف أبو بكر راحلتين كانتا عنده أربعة أشهر، ودفع بهما إلى الدليل - عبد الله بن أريقط- وكان على دين الكفار، وواعده غار ثور بعد ثلاث ليال بالراحلتين، وأما أسماء بنت أبي بكر - ذات النطاقين - فكانت تأتيهما بالطعام، وكان عبد الله بن أبي بكر يبيت عندهما ويعو قبيل الصبح، فيصبح مع قريش بمكة كبائت فيها، فيتسمع لهما الأخبار، وأما عامر بن فهيرة مولى أبي بكر فكان يرعى غنماً يريحها عليهما ساعة من العشاء، فيأخذان منها حـاجتهما من اللبن، (البخاري، باب هجرة النبي صلى الله عليه وسلم )