الوليمة والطفيليون!

تسعى بعض الأطراف خليط هي من وكلاء اللاعبين والفنّيين والإعلاميين وشخصيات تنتمي لإختصاصات أخرى إلى ليّ ذراع الرأي العام الكروي وإرغامه عنوة على تقبّل فكرتي : الضرورة الملحة لتدعيم العارضة الفنية للمنتخب الوطني الجزائري بإطارات تدريب مؤهلة ، ووجوب تعزيز التعداد بلاعبين آخرين تزعم أنهم سيسدون الثغرات ويقدّمون اللمسة الإضافية اللازمة.

وارتفعت لهجة دعاة هذا المطلب في ظل النتائج الطيّبة التي أنجزها "الخضر" المرادفة لإفتكاكهم بطاقة حضور كأس العالم 2010، والعرض الطيّب في "الكان" الأنغولي، مع ما رافقه من تهافت غير مسبوق من كبرى الشركات الإقتصادية - وطنية وعربية وعالمية - على تمويل "الخضر"، مستعرضة كرمها "الحاتمي" الذي أيقظ شهوات وطمع "الطفيليين"، كان اليأس قد أماتها منذ زمن بعيد.

1- هناك كمشة من السماسرة تسمي نفسها تأدّبا "وكلاء لاعبين"، ما فتئت تعرض على الناخب الوطني رابح سعدان خدماتها إلى حد أن منها من يريد ترويج "بضاعته" بحد السيف، فبات الرأي العام ينام على سماع قدوم لاعب جزائري مغترب لصفوف "الخضر"، ويستيقظ على قراءة لاعب آخر يعيش بالمهجر متيّم بالقميص المرصّع بالنجمة والهلال، هذا بعدما ما كان بالأمس القريب المنتخب الجزائري حصان فاشل يتأفف الكل من الإقتراب منه، فمابلك من المراهنة عليه.

2- بعض المدربين المحليين وقدماء اللاعبين الدوليين يضمرون حسدهم لمآل المنتخب الوطني، ويتمنون لو كانوا ماسكين بالزمام الفني بدل سعدان للعيش في النعيم الذي "يتمرّغ" فيه حاليا رفقة مساعديه وبقية التعداد، ولذلك لم يجد هؤلاء المدربون سبيلا لإخماد غيظهم سوى في تقديم الدروس المجانية للذي يستمع إليهم أو يدير لهم الظهر، وما يتوجب فعله، وما يستلزم التخلي عنه، والتنبيه من النقائص الموجودة في الجهاز الفني، والخط الفلاني، واستعراض مزايا اللاعب العلاني والخدمات الجليلة التي سيقدمها إذا ما وجّهت له الدعوة، ووو...

3- رهط من الصحافيين اعتاد على مطاردة الإثارة بمفهومها السلبي، ولذلك بعد أن ملّ من تقديم الأطباق التقليدية للقراء السذج - وما أكثرهم في ظل تفشي البطالة والتسرّب المدرسي حتى لا نقول الأمية - انبرى لإعداد وجبات "الفاست فود" من دون مراعاة أبسط قواعد النظافة والصحة، فمثلا الحديث عن عنتر يحي وزياني وبلحاج.. لم يعد يلقى صدى كبيرا عند القراء كما كان الشأن سلفا، لذلك لجأ هذا الصنف من "الورّاقين" إلى تقديم جديد بعض اللاعبين المغتربين، والإسهاب في ذكر مناقبهم وعلوّ كعبهم وارتفاع منسوب وطنيتهم، وكل ما من شأنه الوصول بأسرع الطرق وأقصرها إلى جيب القارئ المتهالك.

والذي لم يعد خافيا هو أن بعض من ينتسبون لمهنة الإعلام - ظلما - ما هم في الحقيقة سوى الوجه الخفي لسماسرة اللاعبين والمدربين، وتتجلى هذه الحقيقة البشعة في ما نسمعه ونقرأه هذه الأيام من وجوب إزاحة الطقم المساعد للناخب الوطني وتعويضه بالإطارين الفنيين المغتربين "س" و"ع"، وضرورة توجيه الدعوة للاعب الناشط بالنادي كذا وتسريح زميله الذي يملأ المنصب المقترح، و...

4- والملفت للإنتباه أن محمد روراوة الرئيس الحالي للإتحاد الجزائري لكرة القدم بمعية مدربه رابح سعدان كانا موجودين عام 1986 - الأول ضمن المكتب الفيدرالي والثاني في نفس الوظيفة - تعرّضا كلاهما للسيناريو ذاته تقريبا، والذي ترجم في خروج المنتخب الوطني من الباب الخلفي لنهائيات كأس أمم إفريقيا بمصر ومونديال المكسيك، ولكن رغم ذلك ما زالا الرجلان يلازمان "صمت الخرفان"، وكأن على رؤوسهما الطير!

وفي انتظار تحرّكهما لفعل شيء ما من شأنه وضع النقاط على الحروف، وتقليم بعض الأغصان الضارة، تبقى ساحة "الخضر" أشبه بوليمة كبيرة أبرز الحضور فيها "غرباء" تفوّقوا على "أشعب" حيلة وزادوا على تطفّله كيل بعير.